رواية طلب طلاق (كاملة جميع الفصول) بقلم منه سلطان
_مش شايفة إنك مكبرة الموضوع زيادة عن اللزوم وهو أصلًا مش مستاهل كل الضجة دي!
_مش شايف أنتَ إنك غلطان؟!
رد بصوته الحاد ونفى كلامي وقال بدون ذرة تفكير:
_أنا عمري ما كنت غلطان معاكِ أنتِ بالذات يا حياة ،أنتِ اللي دايمًا مكبرة المواضيع وبتعملي من الحبة قُبة.
بصيتله بدموع حاولت أتحكم فيها بس مقدرتش، فلقيتني بضحك بصدمة وبسأله بسخرية:
_يعني بعد ده كله بقيت أنا الغلطانة دلوقتي!، وطبعًا أنت الملاك اللي لا يمكن يغلط.
مسح على وشه بضيق قبل ما يتكلم بنفس طريقته اللي بقت دايمًا منفعلة:
_بطريقتك دي شايفة إننا ممكن نوصل لحل؟!
خلص كلامه وبعدها اتنهد بصوت مسموع واتحرك ناحية الباب وهو كعادته بيقرر يهرب تحت أي ضغط، فوقفت قدامه أمنعه والمرة دي اتكلمت بإصرار وقلتله:
_لا استنى متمشيش، المرة دي مش هتتهرب كمان.
رمش بعينه بدهشة قبل ما يعلق بإستنكار:
_أتهرب!!
هزيت رأسي بقوة وبغِصة اتحكمت في صوتي جاوبته:
_كل مرة بنتخانق فيها ولما بتحس نفسك اتزنفت بتجري تهرب على برة وتسيب البيت من غير ما تديني فرصتي في إني أعبر عن اللي مضايقني أو تديني الحق اني أاكدلك غلطك، بس المرة دي مختلفة يا سليم .
ولأول مرة ملامح الصدمة تبان عليه بعد كلامى، فثبت في مكانه وهو بيسألني بنبرة تميل للإستغراب:
_تقصدي إيه بكلامك ده؟!
ابتسمت بإرتياح برغم دموعي اللي كانت مغرقة وشي وبنفس الطريقة اتكلمت:
_أنا بعفيك من هروبك ومن زني اللي بسببهولك وتكبيري للمواضيع.
رِجع يبتسم بإستخاف بعد كلامي والمرة دي بانت السخرية على ردة فعله:
_لا متقوليش انك قررتي تقفلي على النكد بدري النهاردة؟!
راقبت سخريته من كلامي بألم، هو لحد دلوقتي مفكرش يسألني ويقولي مالِك، حسيت كإني شايفة واحد تاني غير الإنسان اللي حبيته فعلًا، وعشان كده مترددتش لحظة وأنا بجاوبه:
_قررت أقفل عليه العمر كله، طلقني يا سليم.
سكت وأنا براقب ملامحه، اللي فضلت ساكنة وجامدة لثواني قبل ما ينتفض في وقفته وهو بيبصلي بصدمة:
_طلاق إيه وهبل إيه اللي بتتكلمي فيه ده يا حياة؟؟، أنتِ اتجننتي .
نفيت براسي:
_أنا أول مرة أبقى عاقلة النهاردة صدقني، إحنا مننفعش مع بعض يا سليم، أنتَ طول الوقت بقيت شايفني حمل تقيل ونكد وبس، أنت حتى ولا مرة جربت تسألني مالي أو إيه اللي خلاني أبقى كده، إيه اللي حولني للشخصية الكئيبة دي!!
إبتسم بصدمة بعد كلامي وقال بجمود:
_دي حجج بتقدميها عشان تقنعي نفسك قبل ما تقنعيني إنك الصح يا حياة، في حين اني عمري ما حاولت اسيبك لدماغك ودايمًا كنت بحاول اسمعك، لكن ده تقريبًا ماكنش كافي ليكي.
ابتسمت بتفهم، كالعادة ده اللي بيحصل منه وكالعادة أنا دايمًا غلط، ودي حاجة مش جديدة يعني:
_صح، ودلوقتي بقيت أنا الشريرة في روايتك يا سليم!.
_حياة اهدي وبلاش تقولي حاجة تندمي عليها بعدين..
_لا لا، أنا مش هندم، أنا دلوقتي مسؤولة عن أي حاجة هتخرج مني، بس عارف أنتَ من زمان كده يا سليم، من زمان وأنتَ لما بتغلط بتجري تقلب الترابيزة عليا، وأنا زي المغفلة بجري أعتذر من غير حتى ما أفهم أنا غلطت في إيه!، ولا بدي نفسي فرصة أفكر إيه اللي عملته يستاهل منك أنك تشيل مني في كل مرة بنتخانق فيها بالشكل ده!.
كنت بتكلم بإنهيار وأنا بحاول آخد نفسي وسط لحظة الإدراك اللي اتحبست جواها، أنا فعلًا مُغفلة، حسيت فجأة إن صعبت عليا نفسي فقعدت على كرسي وأنا بحاول أهدأ، قبل ما أتفاجئ برد فعله لما قال:
_ده أنتِ طلعتي شايلة في قلبك أوي!، ليكي الجنة بصراحة .
حاولت أتكلم فقلت بإدراك:
_ما أنا خلاص أستوعبت، خلاص قررت أبطل أشيل في قلبي وأدي لنفسي فرصة أعيش كأي إنسانة طبيعية.
هز رأسه بخفة وفضل ساكت لثواني قبل ما يجاوبني للمرة اللي معرفش عددها بنفس البرود:
_عمومًا أنا هعمل نفسي مسمعتش أي حاجة من الهبل والتخاريف اللي بتقوليها دي، وهخرج واسيب البيت جايز تدي لنفسك فرصة تفكري بجد في كل اللي قولتيه!
بصيتله بصدمة بعد كل ده بيقابل انفعالي كله على أساس انه مش أكتر من مجرد هبل وتخاريف على رأيه!!، أما هو فإتنفس بصوت مسموع وقبل ما يستعد يمشي نهى كلامه بِـ :
_راجعي حساباتك يا حياة، لأني مش دايمًا هكون الطرف اللي بيتغاضى، أيًا كان هييجي عليا وقت ومش هقبل ده على نفسي، مفيش راجل هيقبل على نفسه اهانة من الشخص الوحيد اللي المفروض يحترمه أكتر من أي حد.
*******
مكُنتش مصدق إني قدرت فعلًا أتغلب على غضبي منها وأمشي، النهاردة بعد يوم شاق قضيته في الشغل رجعت أرتاح عشان أتفاجئ بحياة بتطلب الطلاق!، يمكن فيه ما بينا مشاكل كتير وخاصًة الفترة الأخيرة لدرجة إننا بقينا يوميًا بنتخانق!!، بس كل ده لا يمكن يوصل للطلاق.
لقيت نفسي مخنوق فجأة، ورجلي سحبتني تحت لشقة أمي حسيت اني محتاج أشوفها يمكن أرتاح، فخبطت عليها وهي فتحتلي وبمجرد ما شوفتها سألتها بصوت مكتوم:
_صحيتك من النوم ولا إيه؟!
بصتلي بصة غريبة وبعدين شاورتلي أدخل فدخلت قبل ما تعلق بسخرية د.بحتني في عز ضيقي:
_ولو نايمة أصحالك يا حبيبي، خير يا قلب امك؟؟!، أنتَ لحقت يا حبيبي ده أنتَ يدوب طالع شقتك مكملتش نص ساعة!، لحقت الهانم طفشتك؟!
رد فعلها كان غريب!!، كل اللي لفت نظرها حياة كالعادة وأنا...أنا حتى ملفتش نظرها بشكلي اللي واضح عليه الهم!
_خرجي حياة من الموضوع يا ماما، حياة معملتش حاجة، أنا مخنوق فقلت أنزل أقعد معاكي بس مش أكتر.
اتكلمت بضيق بعد ما حسيت بالإهانة مكان حياة، فحركت شفايفها بضيق وسخط وقالت:
_ومراتك دي إيه لازمتها يا ابن بطني!، أومال أنا مجوزاك ليه؟؟، الراجل لو فيه هموم الدنيا بمجرد ما بيدخل بيته بينسى كل الهم اللي شافه برا، بس هقول إيه ومراتك عكس الستات كلها.
فتحت عيني بصدمة ..أنا ازاي اختارتها هي أتكلم معاها وهي ولا مرة واحدة فكرت تطمن عليا، بصيتلها بوجع وبعصبية قولتلها:
_هو فيه ايه يا أمي!؟، هو أنا مَنزلش ليكي غير لما تسمي بدني بأي كلام وخلاص !!، بقولك حياة معملتش حاجة وأنا اللي مخنوق ومش طايق نفسي!، وجيت عشان افضفضلك تقومي تدخلي حياة في أي مصيبة وخلاص!!
_الاه وهو أنا قولت حاجة غلط، مش أنا أمك وواجبي اخاف عليك وأنصحك!؟، غلطت في إيه أنا دلوقتي؟!
قمت من مكاني عشان أمشي وقبل ما اتحرك جاوبتها:
_مغلطيش يا ست الكل، أنا اللي غلطت، ومحدش بيغلط هنا غيري عن إذنك.
خرجت من البيت وأنا بمشي في الشارع زي اللي ملوش ملجأ ولا مرسى!، وبعد ما كانت حياة ملجأي اللي بهرب من العالم كله ليه، بقت مصدر خوفي اللي بتهرب طول الوقت منه ومن مواجهته!
_ايه يا ابني ؟؟، ماشي ولا كإنك شايفني طب سلم طيب ومش هناكل منك حتة والله متخافش!
فقت على صوت باسم ابن عمي اللي اتفاجأت بوجوده جنبي وكان واضح أنه كان بيجري، فبصيتله بإستغراب:
_ازيك يا باسم؟، عامل إيه؟!
بصلي بإستنكار قبل ما يسألني بشك:
_لا ده أنت مش في المود خالص!، سيبك مني دلوقتي، وقولي مالك يا صاحبي!، فيه حاجة مضايقاك!
خدت نفس عميق قبل ما ألاقيه بيشاورلي نقعد في قهوة قصادنا وبيقول:
_أقولك تعالى نقعد هنا واحكيلي !؟
وفعلًا قعدنا في القهوة بس أنا مكنتش حمل اي أسئلة، أنا كل اللي محتاجه دلوقتي بس هو إني أقعد لوحدي:
_مفيش حاجة تتحكي أصلًا يا باسم، ما أنا عندك سليم وزي الفل أهو.
ضحك قبل ما يعلق:
_لا هو أنت سليم خالص وده حوار تاني، أقعد بس كده وقولي تشرب إيه وبعدها قولي مالك!؟
بصيتله ومردتش وهو طلبلنا حاجة نشربها وفضلنا على حالة الصمت دي لمدة، هو مستنيني أتكلم وأنا مش عايز غير إني أفضل ساكت وبس، لحد ما كسر الصمت وقالي:
_هاا يا ابن عمي؟!، قاعدين لينا ساعتين وأنت لسة مقولتليش مالك؟، فضفض يا سليم ومتقلقنيش عليك أكتر من كده!.
استسلمت في النهاية ولقيتني فجأة بشكيله كل اللي في قلبي في كلمة واحدة:
_حياة..
بصلي بخضة قبل ما يسألني:
_مالها حياة؟، هي كويسة؟!
شاورتله بنفي وجاوبته ببساطة :
_حياة طلبت الطلاق.
باسم فضل لثواني متنح من غير ما يقول أي كلمة لحد ما اتكلم فجأة بضحك وقال:
_حياة بنت الجيران حب عمرك اللي ضحت بكل حاجة عشان تتجوزك طالبة منك الطلاق؟!، أنت بتهزر معايا يا سليم!!
بصيتله بضيق قبل ما أرد عليه بعصبية:
_لا أنا مبهزرش يا باسم، حياة فعلًا النهاردة وقفت بكل براءة قدامي وطلبت مني الطلاق!، ومن صدمتي في كل اللي سمعته منها قولت أنزل عند امي واسيبها ترتاح وتراجع نفسها جايز تكتشف صعوبة اللي قالته ليا، عشان امي تقرر تبكتني هي كمان بكلامها.
ضرب كف على كف وهو بيتكلم بصدمة وبيقول بتبرير:
_لا اله إلا الله، أنت مش محتاج مني أدافع عن حياة با سليم وأنت أكتر واحد عارفها وفاهمها، بس يا صاحبي حياة ممكن تكون قالت كده عشان متضايقة ولا حاجة متكبرش أنت الموضوع بس وهي هتنسى أصلا اللي قالته، وبالنسبة بقى لمرات عمي فمعلش هي اكيد متقصدش.
ضحكت بسخرية واضحة:
_لا يا باسم، الكلمة خرجت من قلبها فعلًا، أنا مشيت هربًا عشان مقدرتش أواجه خُفت أخسرها بعد ما حاربت العالم عشان أتجوزها، خُفت أحس إن مش مرغوب فيا بعد كل ده!!
_وليه مسألتهاش أيه سبب طلبها ده يا سليم؟؟!، مش غريبة شويتين أنها عايزة تتطلق منك!!
_بتقول اني مش مهتم بيها، وأناني ومبفكرش فيها واني طول الوقت شايفها حمل تقيل، بس هي خلاص فاقت وقررت تبعد وتهد كل حاجة في لحظة!
رديت بهدوء أُحسد عليه بعد كلامها، وده خلى نفس ردة الفعل تصدر من باسم تاني:
_لا اله الا الله، طب وبنتكم اللي لسة جاية على الدنيا ومكملتش شهرين بس دي إيه ظروفها!، خلاص أنتوا الاتنين نسيتوا وجودها في لحظة!!
اتغاظت أكتر فرجعت أتكلم بغضب:
_وهو مين اللي خد قرار الانفصال وعايز يهد كل حاجة، أنا ولا هي يا باسم ما ترد!
حاول يهديني فقال:
_خلاص اهدى، خير ان شاء الله، جايز حياة بتهزر وهي اكيد يعني متقصدش اللي قالته وهي روحها فيك، دي لحظة شيطان يا حبيبي وهتروح لحالها.
سرحت في كلامه ولا إردايًا خرج صوتي بتمني واضح:
_أتمنى .
*********
_خلاص بقى كفاية مبقتش قادر دة أتحمل كل ده!!
صرخت بإنهيار وأنا بقعد في الأرض وببكي بعنف وسط صريخ بنتي اللي مش راضية تسكت، فضلت على الحال ده بعيط وبس وأنا حاسة بضغط فظيع وهتجنن، لدرجة إن بنتي نامت وأنا محستش!
قمت عشان أنيمها في مكانها، وبعد ما اطمنت عليها اتحركت عشان آخد أدويتي اللي نسيتها تمامًا، بس وقفني صوت موبايلي اللي مبطلش زن ففتحته وقبل ما أنطق كنت سمعت صوته العصبي بيقول:
_هو أنا مش برن عليكي من ساعتين إيه اللي أخرك كل ده ومبترديش ليه؟!
رديت ببرود على عكس طبيعتي اللي بتخاف منه:
_نيلي كانت بتعيط ومش مبطلة فكنت بحاول أسكتها .
رد بضيق واضح:
_نيلي برضه ولا أبوها اللي مانعك تردي على مكالمات أخوكي؟!
جاوبته بضيق بسبب أسلوبه الطبيعي عن سليم:
_لا من الناحية دي اطمن يا سعد، سليم مش موجود أصلًا ولا بيدخل نفسه بيني وبينك .
انتهز فرصته وكأنه بيحاول يدور على أي حاجة يعلن بيها الحرب على سليم:
_وهو جنابه سايبك متحروسة ببنتك وراح على فين في الوقت ده؟!، ده بدل ما يلم نفسه ويقعد في بيته مع أهله بعد الشغل، بس ازاي يقعد جنب امه احسن.
حاولت أهدأ بس بسبب كمية الضغط اللي كنت فيها لقيتني شبه بسأله بعصبية:
_أنتَ بتتصل عايز إيه يا سعد بالظبط؟!
رد يأمرني:
_أمك تعبانة وأنا مش فاضي عشان شروق عندها متابعة ، ياريت تروحي تقعدي معاها بكرة من أول يوم لآخره لحد ما نرجع.
_حاضر.
قفلت معاه وبعد ما كنت هتحرك عشان آخد الأدوية اتفاجأت بسليم بيدخل وواضح عليه الإنهاك فسيبته وكنت هدخل لكنه وقفني :
_استني يا حياة عايزك.
بصيتله بجمود وسألته:
_خير يا سليم؟؟
_قبل ما نتكلم نيلي فين؟
رديت بإختصار شديد:
_نامت.
هز رأسه بخفة، وخد خطوتين من مكانه لمكاني وبعدها خرج صوته اللي كان واضح عليه التعب:
_حياة، أنا حقيقي مش عارف ايه اللي وصلنا لهنا، أو مش مصدق إن هي دي بقت حياتنا اللي رسمناها سوا !، أنا من ساعة ما خرجت من هنا وأنا بحاول أوصل لإجابة ورا حياتنا اللي وصلتك لمرحلة إنك خلاص مبقتيش قادرة تكملي معايا، بس رغم كل اللي قولتيه، أنا لسة عندي أمل إننا ندي لنفسنا فرصة تانية.
بصيتله بسخرية قبل ما أجاوبه ببرود:
_بعد إيه يا سليم!!، أنت لسة مستوعب إننا محتاجين نتكلم دلوقتي!!، لا أنا مبهزرش ولا بقول أي حاجة وخلاص أنا كل اللي قولته خرج من قلبي فعلًا، أنا مبقتش قادرة أعيش كده وفي ضغط مستمر مع حد مبيحبنيش.
سليم هز رأسه بنفي قبل ما يتكلم بصوت واضح عليه الندم:
_أنا آسف إن كنت قصرت، بش بلاش تقسي للدرجة دي، أنا مقدرش أعيش من غيرك يا حياة ، أنتِ حرفيًا حياتي كلها، فيه حد مبيحبش حياته!
_طلقني يا سليم، لو فعلًا فيه ذرة حب في قلبك تجاهي...طلقني.
**********
#يُتبع.
#إسكريبت.
#منة_سلطان.
#طلب_طلاق1.
